قضاياهم غائبة عنها ... إصدار الصحف والمواقع الإلكترونية يجذب الشبان اليمنيين لأسباب سياسية
صنعاء - علي سالم الحياة 28/04/08//
تستقطب الصحافة الورقية والإلكترونية الكثير من الشبان اليمنيين، وبات لافتاً تزايد أعداد الصحف والمواقع الإلكترونية التي أطلقها خلال العامين الأخيرين صحافيون شباب بالتزامن مع ارتفاع نسبة الملتحقين في كليات الإعلام.
وبدا أن انحسار موجة الإقبال على تأسيس منظمات غير حكومية حل محلها إطلاق الصحف والمواقع الإلكترونية. والأرجح أن مهنة المتاعب صارت مريحة ومربحة في آن، لا سيما مع استمرار حدة الصراعات السياسية وما يضفيه بعض الجماعات السياسية على الصحافة من دور مبالغ فيه أحياناً.
وعادة ما يأتي قرار إصدار صحيفة أو إطلاق موقع إلكتروني من دون تخطيط مسبق. وهو قد يراود بعض الشباب أثناء جلسة القات. وثمة من وجد في ذلك حلاً للبطالة، خصوصاً مع سهولة الحصول على الدعم.
غير أن بروز الإصدارات الصحافية التي يشرف عليها شباب، لم يفض الى تحول كبير أو ملمح شاب في أداء الصحافة اليمنية. فلئن أظهرت بعض هذه الإصدارات تميزاً محدوداً، إلا أن جلها ما زال مشدوداً الى مادة الصحافة اليمنية التقليدية ولا يزال غير قادر على اجتراح قطيعة مع سلبياتها.
وعلاوة على ملمح الانحياز الظاهر في المنشورات الجديدة، هناك أيضاً مفاعيل الاستقطاب والاصطفاف. والمفارقة تأتي من غياب القضايا الشبابية عن الصحف والمواقع الإلكترونية التي يشرف عليها شباب.
ويبدو أن تزايد إطلاق مواقع على شبكة الإنترنت يعود الى عدم وجود تشريع ينظم الصحافة الإلكترونية. لكن وفي الحالتين، أي الورقية والإلكترونية، يبقى العمل فردياً ويندر توافر الجهد الجماعي المؤسسي لهذه الإصدارات.
في الصيف الماضي عندما اصدر نائف حسان ونبيل سبيع صحيفة «الشارع»، بدا أن توجهاً شبابياً يلوح على الساحة الصحافية مبشراً في إمكان تبلور مشاريع صحافية تعتمد استثمار الجهود الفردية لمصلحة المؤسسة. وكانت «الشارع» طرقت باباً غير شائع هو الملفات الصحافية، بيد أن الأمر لم يدم طويلاً فقد اخذ التقهقر يحل محل النمو. والمفاجأة أتت من انفضاض الشراكة بين الصديقين حسان وسبيع بإعلان الأخير عزمه إصدار صحيفة جديدة قبل مضي عام على «الشارع».
الأرجح أن المناخ، الذي بقي منذ ستينات القرن الماضي يحكم توجهات الصحافة اليمنية، ما زال يؤثر على الإصدارات الشبابية. وبحسب الدكتور وديع العزعزي الأستاذ في كلية الإعلام - جامعة صنعاء، فإن غلبة الطابع السياسي ومثله الطابع الشخصي، من قبيل البحث عن الوجاهة والربحية، جعل من هذه الصحف نسخة عما هو عليه الواقع الصحافي السائد.
ويقول العزعزي، الذي أجرى أخيراً دراسة تناولت أوضاع الصحف الخاصة في اليمن، إن غلبة النفوذ السياسي على الأداء الصحافي جعل الشأن السياسي يطغى على القضايا المجتمعية ومنها قضايا الشباب، موضحاً أن من عادة هذه الصحف أن لا ترسم أجندتها تبعاً لقضايا المجتمع، ومعتبراً الاستغراق في الهم السياسي والشخصي للإدارة الصحافية «واحدة من الإشكاليات التي تواجهها الصحافة اليمنية».
وبدا أن صفات الارتجال التي تسم عمل كثيرين من اليمنيين تسحب نفسها على المشاريع الشبابية. ويتزامن هذا مع استمرار ضعف التدريب الصحافي، ويتساوى في هذا المتخصصون والطارئون على المهنة.
وتسعى نقابة الصحافيين اليمنيين الى تضمين مشروع القانون الصحافي الجديد الذي تعتزم الحكومة إصداره، مواد تحصر منح تراخيص الصحف بالنقابة وتشترط حصول رئيس التحرير على مؤهلات جامعية. غير أن خريجي كليات الإعلام اليمنية ما زالوا محل انتقادات، إذ يعتقد البعض أنهم يحصلون على مجرد شهادات فقط وليس على «سر المهنة».
وتلاحظ دراسة العزعزي أن نظام الإدارة في غالبية الصحف اليمنية الخاصة غير مؤسسي ويفتقر الى النظم واللوائح، معيدة ذلك الى طبيعة ملكية هذه الصحف إذ يطغى «الطموح الشخصي على المشروع الصحافي».
معلوم أن معظم الصحف اليمنية خرج من معطف السياسة. فعلى رغم مضي نحو مئة سنة على ظهور الصحافة في هذا البلد المعروف بارتفاع نسبة الأمية بين سكانه، لا تزال النمطية تحكم عمل الصحف في الألفية الثالثة، والأفدح مطاولة ذلك الجيل الشاب.
وبات تزايد عدد الصحف والمواقع الإلكترونية محل تندر حتى من أصحاب المهنة أنفسهم. ويتهكم البعض بالقول إن عدد الصحف صار اكبر من عدد الصحافيين.
وأفيد بأن معظم الأسماء المسجلة في قائمة وزارة الإعلام في انتـــظار الحصول على تراخيص بإصدار صحف تعود الى شباب.
ويرى الصحافي اليمني نعمان قايد سيف أن تزايد عدد الصحف لا يؤشر الى فاعلية وإيجابية، إذ أنه لا يعدو كونه «مجرد عدوى تلهث وراء الكسب».

تعليقات