تشي معاناة الأطفال اليمنيين العالقين ما بين أب وأم منفصلين بحالة نفسية واجتماعية لا تنحصر آثارها عند سن معينة بل، ما قد يخلّف كثيراً من السلبيات ترتسم على مسار حياتهم.
والواضح أن النزاع بين الزوجين أو انفصالهما، يزيد من وقع قسوة البيئة الاجتماعية على الاطفال، خصوصاً في بلد مثل اليمن حيث ما زال كثيرون يرون أن التربية المثلى للأبناء تتمثل بالتعامل معهم بخشونة نسبية. والعمل على تربيتهم على وقع خطابات الزجر والحض على أن يكونوا رجالاً، ويعتبر مشهد بعض الصغار يتمنطقون الجنبية (الخنجر اليمني) أو الكلاشنيكوف، أكثر ما يدل على طبيعة التربية السائدة .
وتشير دراسات ميدانية أن بعض الصغار المنحرفين ممن أودعوا مراكز الرعاية الاجتماعية على خلفية ارتكابهم جنحاً، ينتمون إلى أسر تعاني من تكرار حوادث الشجار بين الأبوين أو انفصالهما.
عدم مراعاة الوالدين للآثار التي يمكن أن تتركها خصوماتهم على الأبناء، لا يقتصر على محدودي التعليم والأميين بل تنتشر أيضاً في أوساط الأسر المتعلمة والمثقفة. ومن هؤلاء من يمارس ضرب الأبناء أو يشحنهم ضد الآخر .
ويعطي القانون اليمني الأم الأولوية في حضانة الطفل حتى سن 12 سنة في ظل شروط، على أن يتم تخيير الصغير بين البقاء مع الأب أو الأم، إلا أن الوقائع تفيد أن الأب هو من يمتلك في الغالب سلطة السيطرة على الأبناء.
وتكابد المرأة مشاق كبيرة للحصول على حقها في الحضانة هذا اذا ما كانت لديها القدرة على دفع نفقات القضية، ونادراً هي الحالات التي يشكو فيها الأب في هذا النوع من القضايا.
وبرزت اخيراً قضية الأستاذ في قسم الاجتماع في جامعة صنعاء الدكتور عبدالله معمر الحكيمي، الذي نشر الشكاوى عبر الصحافة، وعقد مؤتمراً صحافياً لعرض قضيته وتضرر أبوته جراء عدم تمكنه من رؤية طفلته نوران على رغم حصوله على حكم من المحكمة بذلك.
وفي حين دأبت الصحافة المحلية على نشر شكوى الحكيمي من دون التطرق إلى وجهة نظر الطرف الآخر، رفضت الوالدة الرد على «المغالطات التي تنشرها الصحف» في موضوع نوران . وقالت أروى ذمران في اتصال أجرته معها «الحياة» انها لم تمنع الأب من رؤية ابنته، بل رفضت السماح لها أن تبيت معه في بيته، موضحة ان قرارها هذا جاء بعد فترة، بقيت فيها الصغيرة نوران تقضي يومي الخميس والجمعة مع والدها، «ثم اتضح لي لاحقا أنها تعود في حالة نفسية سيئة وهيئة لا تسر».
وقالت ذمران، التي تعمل باحثة في مركز الدراسات والبحوث اليمني، انها حريصة على عدم حرمان طفلتها من حنان الأب والأم معاً، مشيرة الى انها كانت تمانع أن تبيت نوران عند والدها لا ان يأتي لمشاهدتها، «اما الآن وقد بلغت نوران العاشرة فلا مانع عندي ان تنام عنده خصوصاً انها صارت قادرة على الاغتسال بمفردها وتنظيف نفسها».
ونفت ذمران أن تكون حاولت السفر هاربة مع طفلتها الى خارج البلاد من دون إذن والدها، وتوضح أن ما حصل هو أن سافرت بالطفلة لعلاجها من مرض تكسر صفائح الدم وليس بغرض تهريبها. ونفت ذمران استقواءها بشخصية حكومية كبيرة، وقالت ان ما حدث ان اشقاءها عرضوا على وزير الداخلية السابق رشاد العليمي، وهو مدرس سابق في قسم الاجتماع وزميل للحكيمي، قضية الحظر الذي فرضه الحكيمي على سفر نوران وعندما اتضح للوزير ملابسات القضية سمح بسفرها.
وما انفكت قضايا انفصال الزوجين تفضي الى خصومات تصل الى المحاكم. وقل ما يلين طرف من الاطراف ويتجه إلى التفاهم أو تقديم تنازلات. ويبدو عبدالقوي غالب (38 سنة) نموذجاً نادراً، وعلى رغم أن القانون يعطيه حق حضانة طفلته بخاصة بعد ان بلغت السن المحددة وزواج والدتها بشخص آخر، أبقى طفلته عند والدتها بدلاً من يأتي بها لتبقى في حضانة جدتها لأبيها، لتفهمه أهمية حنان الأم.
وغالباً ما ترتبط صورة «الخالة» (زوجة الأب) بنوع من السلبية، وترتبط بالقسوة والكيد لأبناء زوجها. ولا تقل سوءاً عن تلك المرتبطة بزوج الأم الذي ترتبط ببعضهم حوادث تحرش جنسي واغتصاب لصغار السن من أبناء الأم.
تعليقات