صنعاء - علي سالم : كان جلال يشرب قهوته في مقهى «جولة كنتاكي» في صنعاء عندما عبرت شارع الزبيري مسيرة ضمت نحو ألفي شاب وشابة سارت لمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للطفولة والشباب المصادف 19شباط (فبراير).
في البداية بدا جلال (26 سنة) متحيراً إزاء هذه الجلبة المصحوبة بإيقاعات الموسيقى. لكنه سرعان ما أخذ يضحك عندما علم بأنها تمهد لمهرجان شبابي سيحضره نائب الرئيس اليمني. «ظننتها حفلة عرس سارت على غير العادة»، قال الشاب الذي تخرج العام الماضية في جامعة صنعاء في تخصص إدارة أعمال.
وكما جلال، هناك كثيرون من الشباب في اليمن لا يعرفون بما بات يسمى اليوم الوطني للطفولة والشباب ووجود استراتيجية تعالج قضاياهم. ومن يعلمون بذلك فوجئوا بموعد المناسبة. ويعزو بعضهم سبب عدم الترويج الكافي لهذه المناسبة إلى «كثرة الايام الوطنية عندنا» بحسبما يقول فاروق الطالب في كلية الزراعة متهكما من تواتر المناسبات المحمولة على اسم اليوم الوطني.
وحقيقة الأمر أنه ومنذ اقرار الاستراتيجية الخاصة بالطفولة والشباب عام 2006، لم يجر الاحتفال بالمناسبة سوى هذه السنة.
ولئن استهدفت الاستراتيجية تحريك فئة الــشباب ومــعالجة قضايـاهـا، يـبدو واضــحاً أن الصورة الســلبية التي خلفها الإرث الثقيل لتجارب عدم تـنفـيذ كــثير من الخطط والاستراتيجيات الحكومية، حولت مثل هذه الاستراتيجيات الى مجرد «بهارج واضــغاث احــلام مــثلها في ذلك مثل اعلانات شركات الهاتف التي تخدر الشباب المحبط بجوائزها المبــشرة بالملايين»، عــلى ما يــقول وديع (27 ســنة). ويــرى وديع أن الشــباب الــيمني يحتاج الى برامج ومــشاريع ملموســة على الواقع وليــس «استراتيجية قصد منها اســاساً التدليــس للجهات المانحة».
ولا يقف امر التشكيك في امكان تنفيذ استراتيجية الطفولة والشباب على افراد الفئة المستهدفة فحسب، بل يتفق معهم في ذلك عدد من الباحثين والمراقبين.
وبحسب الدكتور فؤاد الصلاحي عضو الفريق الذي اعد مشروع الاستراتيجية، فإن هذه الاستراتيجية «مضللة ولا تمت لواقع الشباب بصلة». وقال الصلاحي: «الاستراتيجية الحالية مكتبية وسبق أن أوصينا بإجراء استبيانات ميدانية لمعرفة حاجات الشباب ومشاكلهم غير أن الجهات الحكومية لم تعمل بالتوصيات كما لم تأخذ بالخلفيات البحثية المرفقة بمشروع الاستراتيجية».
ويبدو أن الإحباط المتزايد في اوساط الشباب اليمني يدفع بعضهم الى التشبث بأوهام جديدة مثل التعويل على ما تبثه بعض الشركات الخدماتية من اعلانات حول امكان الفوز بملايين الريالات في مسابقات تطرحها على الجمهور. ويذكر جلال أن مصروفه الذي يبعثه اليه والده المغترب في الخليج استنفد في شراء بطاقات شحن الخلوي بعدما طرحت احدى شركات الهاتف المحمول اعلاناً حمل شعار «احلم ونحن نمولك»، ومفاده أن الفائز في السحب سيحصل على مبلغ مليوني ريال يمني لتمويل مشروع يعتزم تنفيذه.
وترى ابتسام (28 سنة) ان ما يفرق بين وعود الحكومة و»احابيل» هذه الشركات هو أن الأولى تتقصد الحصول على اصوات الشباب في الانتخابات وفي أحسن الأحوال «إغراقهم باليأس واللامبالاة تجنباً لأية شرور او هبات قد تصدر منهم»، في حين أن هذه الشركات تمتصهم حتى العظم».
الحياة الاثنين, 25-فبراير-2008
تعليقات