من يعرف علي خان؟ ... الولاءات الطالبية في اليمن بحسب الفصائل

يلتقي اليمني علي خان مع المغربي المهدي بن بركة في المصير المجهول وفي اتهام سلطات بلديهما بالوقوف وراء اختفائهما. غير ان ما يفرق بينهما هو ان الأول كان لا يزال طالباً حين اختفى في صنعاء العام 1978 ولم يعثر حتى الآن على رفاته أو على ما يشير الى ملابسات اختفائه، كما لم يلق الاهتمام الدولي والمحلي الذي لقيه بن بركة الذي كشفت أخيراً بعض المعلومات حول اغتياله.هكذا يبدو المصير المفجع للطالب في جامعة صنعاء علي محمد خان نموذجاً يعكس حال الحركة الطالبية في اليمن عموماً، سواء لجهة استمرارية حضور البعد السياسي ام لجهة ملمح التشظي وعدم التراكم النضالي.
قلة تعرف علي خان. وقلة أقل تملك معلومات عن نشاطه.
لكن الأكيد أن الحركة الطالبية لا تزال واقعة في المشهد السياسي نفسه. ويقول علوي السقاف طالب فلسفة في جامعة صنعاء: «لا أملك أي معلومات عن خان، لكن اذا عرفت اسم الفصيل السياسي الذي كان منتمياً اليه، فيمكن أن أدلك الى أسماء رفاقه ممن قد تكون لديهم معلومات عنه».
ويؤكد علوي أن وعلى رغم مرور نحو ثلاثة عقود على اندماج فصائل اليسار اليمني في كيان سياسي واحد، فإن الاهتمامات لا تزال تسير طبقاً للولاء الفصائلي.
ولئن كانت الأمور على صعيد الحزب الواحد تسير على هذه الصورة، فإن السوء يتضاعف ويبدو اكثر سفوراً عند النظر الى خريطة الحركة الطالبية اليمنية عموماً، والتي من الواضح أن التشرذم ما زال يحكم مساراتها، فمطــالبها تتغير بحسب توجهات الأحزاب.
وغالباً ما تكون «الهبّات» الطالبية مسيّرة تحت عناوين كبرى مثل قضيتي فلسطين والعراق أو لأسباب أخلاقية كما حدث في تسعينات القرن الماضي عندما أدت «هبة» طالبية الى إغلاق صحيفة إثر نشرها إساءات بحق طالبة جامعية. وصارت الاعتداءات على بعض الطلاب والطالبات، والتي غالباً ما تنشب على خلفية محاولة منع جلوس زملاء من الجنسين مع بعضهم بعضاً، سبباً في التوجس الطالبي وإن كان محركه حزبياً. عدا ذلك بقيت القضايا الطالبية تتخذ لوناً سياسياً حتى كادت تبدو السلطات الرسمية أحياناً اكثر تقدمية من الهيئات الطالبية.
وكان لافتاً - يقول خالد الروضي من اتحاد الطلاب في كلية الآداب، جامعة صنعاء - ان عمادة الكلية تنظم رحلات مختلطة فيما ينظم الاتحاد رحلات خاصة بالطلاب وأخرى خاصة بالطالبات. ويشدد الروضي على أن الهدف الرئيس للاتحاد هو الدفاع عن الحقوق والحريات، لكنه لا يلبث أن يلمح الى شبهة أخلاقية يراها في الانفتاح النسبي بين الجنسين الذي تتميز به الآداب.
وكان تحالف عدد من أحزاب المعارضة المنضوية في ما بات يعرف باسم اللقاء المشترك، أدى الى سيطرتها على الاتحاد الطالبي بغالبية تنتمي الى حزب تجمع الإصلاح الإسلامي. وعلق مكتب فرع الاتحاد في كلية الآداب صورة الزعيم القبائلي لحزب الإصلاح الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر والى جواره السيد حسن نصر الله الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني. ويشي حديث الروضي الذي كان يرتدي إزاراً ويتمنطق بالخنجر اليمني (الجنبية)، بطغيان المنحى الإسلامي على نشاطات الاتحاد.
ولا يستبعد نبيل (37 عاماً) أن يكون الاتحاد هو من يقود الحرس الجامعي لمضايقة أي طالب وطالبة يجلسان على انفراد في باحات الجامعة.
وفي حين يعتبر الروضي ان المنجز الأبرز للاتحاد هو إجبار إدارة الجامعة على تعديل بعض مواد اللائحة المنظمة للنشاطات الطالبية، ترى سعاد (28 عاماً) صعوبة في إمكان تأسيس مطالب «عصرية « تلتقي عليها جميع الأطراف. وتشير الى أن الحركة الطالبية اليمنية «تائهة في ماضيها وحاضرها. فالمشكلة لا تقتصر على كون قطاع طالبي تابع لحزب ما قد لا يلتقي مع قطاع طالبي آخر، بل إنها تكمن في بنية تلك التجمعات».
ومعلوم أن الحركة الشبابية والطالبية اليمنية حزبية بامتياز، وكان الحزب الاشتراكي اليمني الذي حكم جنوب اليمن قبل 1990 يعتبر اتحاد شباب اليمن (اشيد) الاحتياطي النشط له. غير ان هذا الكيان ما لبث أن تلاشى مع قيام الوحدة، وبعضه تسرب الى ما بات يعرف باتحاد شباب اليمن وهو إطار يزعم انه يمثل كل قطاعات الشباب. كما ظهر ما يسمى باتحاد شباب الميثاق التابع لحزب المؤتمر الحاكم، في حين لم تأتلف بعد الاتحادات الطالبية في الجامعات اليمنية في إطار موحد.
والأرجح ان الصورة الكاريكاتورية للحركة الطالبية اليمنية ستظل ترتسم على الأجيال اللاحقة طالما بقيت البنية الاجتماعية السياسية على وضعها القائم، خصوصاً في ظل الطبيعة التقليدية المسيطرة على البيئة الأكاديمية، ما يعمق الفجوة القائمة بين التنظيمات الطالبية وعموم الطلاب.
الحياة اللتدنية - 04/02/08//

تعليقات