ترجمة نصوص «بدائية» من جزيرة سقطرة اليمنية
صنعاء - علي سالم الحياة - 04/02/2008
يبدي الأدب السقطري (نسبة إلى جزيرة سقطرة اليمنية) تمايزاًً، قياساً، على الأقل، مع ما يكتب يمنياً. فلئن بقي الأدب السقطري مثله في ذلك مثل الحياة الاجتماعية لسكان الجزيرة، مجهولاً لكثر من اليمنيين ناهيك بالعرب غير أن ما أتيح أخيراً من ترجمة لبعض هذا الأدب يبدو ناسفاً لمبدأ التطور والتراكم المعطى للشعرية.
النصوص التي نقلها الى العربية فهد سليم كفاين الشزابي، تحت عنوان «مختارات من الأدب السقطري» تعكس صورة خاصة للأدب في حالته البكر، التي لم تتأثر بعد بحضارة المجتمعات الحديثة. أو تمسها تأثيرات التبادل بين الشعوب والثقافات.
في الشعر السقطري كما في النثر تحضر بشدة تأثيرات الشفهية والأسطورية. وهما في الوقت عينه واقع معاش لأهالي الجزيرة فالتواصل بين سكان أبناء الجزيرة المقدر تعدادهم بأكثر من مئة ألف نسمة ما لبث يجري بواسطة لغة جنوبية قديمة غير مكتوبة يعتقد بأنها من اللغات الحميرية.
والأرجح أن العزلة التي شهدتها الجزيرة على مدى القرون الماضية وراء هذا النقاء وحال الفطرة الأولى في الطبيعة كما في حياة الإنسان السقطري الذي هو نتاج تخالط أعراق عربية وافريقية وهندية ورومانية. من هنا هذه الفرادة الشعرية التي سبق وشدت انتباه صاحب جائزة نوبل الالماني غونتر غراس خلال زيارة له إلى الجزيرة الواقعة على المحيط الهندي.
القصائد التي ضمها كتاب الشزابي الصادر عن صندوق صون سقطرة والمنسوبة لشعراء سقطريين معاصرين، تنطوي على رؤى شعرية بعضها على مستوى قلما نجده في المنتوج الشعري السائد عربياً بما هو نتاج تراكم.
ثمة صور شعرية رعوية قريبة من الأغاني المنسوبة لغجر شرق أوروبا. والملاحظ ذلك الاهتمام بطقوس السحر وهو يشكل جزءاً من معتقدات سكان الجزيرة والأرجح أن هذا التعدد العرقي وراء الدفق الأسطوري الذي تنثال به القصيدة السقطرية.
«أريد أن أراك حاجبا ببابها المنقطة/ سأعلم حينئذ بسحرك وانك بكل شيء عالم./ دجريجوتي، وهذه كلمتي بداية، السوق مفتوح على مزاجك».
بدوره ما زال شعر الغزل يجري مجرى الطبيعي حيث يمثل الرعي وصيد السمك النشاط الرئيس للسكان. وما زال الشاعر يتوسل في قصيدته القطعان والسهوب كما تذكر طقوس السحر والتعاويذ والسحرة «مقتبهي» و «مقتبأة» الى جانب الحمامة والغزال في تشبيه المرأة كما يأتي ذكر الغزال كصفة لحال الشعر ذاته وبحسب الشزابي فأن قول احد الشعراء «بلغوا مني سلاما ووصية من مكان ليس فيه غزال» قصد به ان شعره واضح وسهل.
كما يحتوي الشعر السقطري على المساجلات ذات الطابع الحكمي
«أوصيك دنمنت عاصب بثعلب لا يرانا
سيلوي الحبال ويسرق وريقة من شجر أصيل
وما ذاك فينا ليخفى
فقط رأس المال نحن ملكنا
دعه ليهوي من على شاهق
إلى المهاوي المهلكات مادامت الشواهق ليست قليلة
وكذا المكان وعر وكثير فيه الشجر الحراجي». (من قصيدة للشاعر محمد احمد بياضي).
وعلى رغم ضعف الترجمة في كتاب الشزابي وهو يعترف بأنه غير متخصص بيد أن قوة الشعر تبرز للقارئ. الشعرية مطواعة للسان السقطري ومخيلته.

تعليقات